الانفجار العظيم

      ولد عالمنا قبل خمسة عشر ألف مليون عام نتيجة انفجار هائل ، هو الانفجار الأعظم . إن نقطة صغيرة جداً من مادة فائقة الكثافة وشديدة الحرارة تمزقت بانفجار طاقي عنيف فخلقت فضاء مازال يتوسع حتى الآن . لقد أعدت الثانية الأولى  من حيا الكون المشهد ورغم كون هذه الحقبة الأولية قصيرة جداً بالمقاييس العادية إلا أنها مفعمة بأحدث كونية كبرى.                                                في اللحظة 10ــ^43 الأولى من الثانية : بدأ العمل . فبعد  مقدمة مختصرة بدأ المكان والزمان يتخذان معنى وعند درجة حرارة 10ــ^32 شهد الكون الحقبة الأولى من تاريخه و أخذ شكل نقطة دقيقة جداً قطرها 10ــ^32 سنتيمتراً تحوي مزيجاً غريباً من الجسيمات وأضداد الجسيمات التي تولد وتفنى  : إذ انفصلت الثقالة كقوة بحد ذاتها.  وهذا الانفصال هو واحد من (التحولات  الطورية ) التي (تجمدت) فيها قوى الكون وانفصلت عن قوة موحد بانخفاض درجة الحرارة في اللحظة
10ــ^35 من الثانية : بدأ الانتفاخ أثناء محاولة القوة الشديدة التجمد والانفصال ، فتسربت الفقاعات الكمومية إلى الخلاء المحيط . تنتفخ إحدى الفقاعات بسرعة هائلة ، يبلغ عالمنا المرئي ، في داخلها ، حجم كرة المضرب . مازالت كل القوى موحدة  (ماعدا الثقالة ) بيد أن الخلاء المتناظر (يدرك) فجأة أنه غير مستقر فيصب منتجاً مزيداً من الجسيمات فتتجمد القوة الشديدة .                   

في اللحظة  من الثانية  يتوقف الانتفاخ . يتجدد الانفجار الأعظم ثانية ببطء أكثر ولكنه ما زال قوياً . هناك نوعان من الجسيمات : الكواركات التي تتحسس القوة الكهروضعيفة الموحدة .

في اللحظة 10ــ^11 من الثانية تنشطر القوة الكهروضعيفة وتنخفض درجة الحرارة إلى مادون 10ــ^15درجة وهي نقطة تجمد أخرى . تنشطر القوة الكهروضعيفة إلى قوة كهرطيسية وقوة ضعيفة بآلية تحطم متناظرة . إن حاملات القوة الضعيفة إي الجسيمات (Z) و(W)  ثقيلة في حين أنه ليس للفوتونات ، التي حاملات القوة الكهرطيسية أية كتلة .

في اللحظة 10ــ^6من الثانية : مذبحة الكواركات . الكواركات و أضداد الكواركات تسبح في الفضاء وتتولد ، ويفنى بعضها بعضاً وتتفاعل مع جسيمات أخرى . وعندما برد الكون حتى درجة 10ـــ^13 لم يعد هناك طاقة كافية لتوليد الكواركات تلقائياً وتستمر الأزواج الموجودة في الفناء ن ويبدو كأن الكواركات سوف تختفي إلى الأبد .

في اللحظة 10^-4  من الثانية : أخذت الباريونات  تتشكل . كبر حجم الكون  بقدر حجم  نظامنا  الشمسي  تقريباً.  وعندما انخفضت  درجة  الحرارة  توقف فناء  الكوراركات واتّحدت  الكواركات  المتبقية لتصنع بروتونات ونيترونات .

 وفي نهاية الثانية الأولى تنجو معظم النترينوهات. وكانت النترينوهات التي تتحسس فقط القوة الضعيفة ، مازالت  نشيطة جداًُ . بيد أنه في  نهاية الثانية الولى  أصبحت القوة الضعيفة على درجة من الضعف  بحيث فقدت في النهاية السيطرة على النترينوهات  فتحررت وانطلقت وحدها ومازالت "هناك"أبعاد  كبيرة .

خلال الـ 100ثانية : العناصر الأولى . تتحد  البروتونات  والنترونات  فجأة وتشكل نوى الهيليوم . ولم يحدث الكثير  خلال المئة ألف سنة التالية أو ما يقارب ذلك. فقد امتزج الهيدروجين و الهيليوم وآثار من نوى خفيفة قليلة أخرى  مع الإلكترونات والإشعاع وتبرد جميعها تدريجياً إلى حوالي درجة حرارة فرن الفولاذ . خلال الثلاث مئة سنة ألف سنة : الكون يضئ . بدأت الإلكترونات تلتحق بالنوى . فتولدت أول مادة نووية و الإشعاع لم يعد قوياً بما فيه الكفاية لتحطيم الذرات ، كما أنه لم يمتص آلياً فغدا الكون شفافاً وغمره الضوء خلال الألف مليون مليون سنة :عندما تشكلت المجرات ، أخذ الكون شكلاً مألوفاً أكثر خلال الخمس عشرة ألف مليون سنة ك الكون كما نعهده بالمقاييس الكونية والذرية .