جائزة نوبل الأخيرة

لأول مرة في التاريخ تمت في الساعة العاشرة و54 دقيقة من يوم 5 يونيه 1995 مشاهدة التحول الفجائي للمادة الخامسة وذلك أثناء مراقبة المادة عن طريق كاميرات خاصة إلى أن وصلت درجة التبريد المناسبة . أمكن بقاء المادة في هذه الحالة الفريدة لمدة 15 ثانية . وكانت هذه العينة هي المادة الوحيدة في الكون كله التي أمكن إدخالها إلى الحالة المكثفة ومن تـنبع أهمية ما تم التوصل إليه في هذا اليوم التاريخي العظيم .فولفجانج  كيتيرله شاركاهما شرف الحصول على هذه الجائزة العظيمة لأنه تمكن بعد حوالي أربعة أشهر وبشكل مستقل من تكثيف عدد أكبر من ذرات الصوديوم عن طريق هذا العدد الوفير من الذرات المكثفة أمكنه  إجراء دراسات واسعة لخواص هذه الصورة الجديدة للمادة مما ساعده في ابتكار عدد التطبيقات المهمة ولهذا كانت إسهاماته هامة بحالي حيث كان هناك عالماً هندياً يدعى ساتياندرا ناث بوزه منهمكاً في دراسة ظاهرة جديدة بمقاييس تلك الأيام ظاهرة الخواص الكمومية للضوء أو فوتونات الطاقة على أنها متصلة التدفق بل أن شعاع الضوء يتكون في الحقيقة من وحدات منفصلة يطلق عليها (QUANTA) كمات ذات طاقة محددة توصل بوزه إلى فكرة عبقرية وهي دراسة الفوتونات المنفصلة وإيجاد علاقات ترابط فيما بينها ووضع عدة قواعد إحصائية لتصف الحالة التي يكون فيها زوج من الفوتونات متشابه أو متماثل تماماً في خواصه الكمومية ومتى يكون مختلفاً وتعرف هذه القواعد اليوم باسم إحصائيات بوزه وأحياناً تحت اسم إحصائيات بوزه و اينشتاين لقي بوزه مشاكل و صعوبات عديدة من أجل أن يقنع الآخرين بهذه الأفكار الخارقة و بالتالي لم يستطيع أن ينشرها في أي مجلة علمية عندئذ قرر إرسالها ألبرت اينشتاين الذي أعجب واقـتـنع بها واستخدم نفوذه في أن يجد مكاناً للنشر.

                (إضــافــة مهمــــــــــــــة)

لم يكتشف اينشتاين في مساعدة بوزه بنشر أبحاثه والقواعد التي وضعها للفوتونات بل أضاف إليها شيئاً مهماً آخر وهو أنه رأى أن قواعد بوزه قد تسرى أيضاً على الذرات وذلك بحسب منطوق المعادلة الشهيرة التي تقول بان الطاقة قد تأتي في صورة المادة والعكس صحيح فإذا صح تطبيق قواعد بوزه على الفوتونات (الطاقة) يصح كذلك تطبيقها على الذرات (المادة) ولهذا وضع اينشتاين نظرية من أجل اختبار هذا الافتراض اثبت التطابق التام إذا طبقت قواعد بوزه على الذرات أيضاً لكن عند درجات الحرارة المنخفضة بدأت بعض الاختلافات في الظهور هذا ما أثبتته نظرية اينشتاين لكنه على غير العادة لم يكن واثقاً من دقة حساباته وسبب ذلك كما ظهر فيما بعد هو خطأ الافتراض بأن كل الذرات تخضع لقواعد بوزه الإحصائية فهناك نوع آخر من الإحصائيات تخضع له بقية الذرات التي يطلق عليه اسم إحصائيات فيري واينشتاين والسبب الآخر في صعوبة فهم أو الاقتناع بالنتائج التي توقعتها معادلات اينشتاين عند درجات الحرارة المنخفضة هو أن الذرات وحتى تلك التي تخضع بالفعل لإحصائيات بوزه ستكون لها جميعاً نفس مستويات الطاقة الكمومية إذا انخفضت درجات الحرارة كثيراً وتحديداً ستكون في المستوى الأدنى للطاقة . بمقاييس النصف الأول من القرن الماضي لم يكن من الممكن فهم أو تخيل المادة إذا تواجدت فيها كل الذرات متشابهة ولا يمكن تمييز ذرة من أخرى . ولنتصور صعوبة فهم هذه الحالة تصور أن الأشياء من حولنا ستتحول من الحالة التي تتوحد فيها وتتشابه ذراتها .  عندئذ لن يكون لديك قلم ،أو كوب أو حتى المجلة التي تقرأها الآن بالشكل المعروف  لأن هذه الأشياء مختلف وتحتل أماكن متفرقة إذا توحدت وتكثفت في نقطة واحدة ستفقد الأشياء تمايزها ويتكون لدينا ما يطلق عليه الذرة العملاقة لكن كما قلنا للوصول إلى هذه الحالة يلزم تبريد المادة تبريداً قاسياً إلى أن تقترب من الصفر المطلق .إذا تم الوصل إلى هذه الحالة ستبدو المادة كما لو إنك قمت بتكثيف بخار من الماء على سطح بارد ستحصل على نقطة تتكاثف فيها الذرات تشيه تجويفاً صغيراً إذا اقتربت منه ذرة سقطت فيه لمراقبة هذه النقط الصغيرة يلزم استخدام كاميرات خاصة ترى الأشعة الحمراء التي تبثها الذرات كلما انخفضت حرارتها .

(مصيدة مغناطيسية)

   في التجربة التي تمت صبيحة يوم الخامس من يونيه عام 1995 في معامل جيلا في جامعة كلورادو في  بولدير بالولايات المتحدة الأمريكية تم في داخل مصيدة مغناطيسية تثبيت كر ضئيلة الحجم من الرابيديوم محاطة بسحابة من ذرات الرابيديوم المتعادلة التبريد كان يتم بواسطة شعاع خاص من الليزر و الصور كان يتم التقاطها بواسطة كاميرا خاصة حالما تم اثر الذرات أوقف شعاع الليزر وعمل مجال المغناطيسي على تثبيت المادة المتحولة في مكانها وذلك لأن كل ذرة من ذرات الرابيديوم مثلهما مثل الذرات الأخرى لها مجال مغناطيسي تولده حركة الإلكترونات المغزلية بعد ذلك تعمل المصيدة المغناطيسية على الإسراع بالتبريد لأنها تستطيع فصل الذرات الأسرع وإلقائها خارج المصيدة في عملية تشبه التبريد عن طريق عن طريق التبخير المعروفة فمن المعروف أن سرعة الذرات مقياس لدرجة حرارتها الجزء الداخلي من الذرات المحبوسة داخل المصيدة يكون أعلى كثافة وله درجة الحرارة أقل من الذرات في الخارج . أضاف كورنيل تحسيناً مهماً على خطوات التبريد هذه ذلك أنه ابتكر مصيدة يطلق عليها اسم مصيدة الجهد المداري المتوسط .وهو ما تمكن فريق الباحثين في جامعة  كلورادو من الوصول إلى التبريد المطلوب لتتحول  المادة  التي  تم تكثيفها ظهرت في الصور الفيديوية كما لو كانت كرة في داخل حبة  من الكرز يقطر لا يزيد على 20 مايكرومتر  ،أو حوالي خمس سماكة الورقة العادية  .

                      ( نوع جديد)                     

رغم الأهمية الأكاديمية الكبيرة بأن نتوصل في نهاية القرن العشرين إلى تأكيد التوقعات التي وضعت في العشرينات من قبل علماء الفيزياء الكمومية إلا أنه لا يزال من المبكر الحديث عن المجاملات التي يمكن فيها استخدام الحالة الخامسة للمادة لكن من التشابه الواضح بين هذا التكثيف وبين فكرة إنتاج نوع جديد من الليزر نتوقع أن يكون مجال إنتاج الليزر هو أكبر تطبيق يتم فيه توظيف الحالة الخامسة وتحديداً أن  تحل الذرات محل الضوء في الليزر مثل هذا الليزر الذري يمكن أن يتم استخدامه في دراسة أدق التراكيب بدقة أكبر مما توفره لنا الليزرات  الضوئية على سبيل المثال في التقنية الثانوية وفي صناعة الكمبيوتر الكمومي  ذي الرقائق الذرية . ويبدو أن ميلاد مثل هذا الليزر بات قريباً ذلك أنه في العام 1997 تمكن كيتيرله وفريقه في معهد مساشوسيتس للتقانة من ابتكار ليزر بسيط يستخدم هذه التقنية و لكنه لا يزال بحاجة إلى إجراء العديد من التحسينات عليه .